فصل: قال زكريا الأنصاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هذا واعلم، أن الخبر في استيئاس الرسل مطلق إذ ليس في الآية ما يدل على تقييده بما وعدوا به وأخبروا يكونه، وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن اللّه تعالى إذا وعد رسله بنصر مطلق كما هو الغالب في أخباره لم يعين زمانه ولا مكانه ولا صفته، فكثيرا ما يعنقد الناس في الموعود به صفات أخرى لم يدل عليها خطاب الحق جل وعلا، بل اعتقدوها بأسباب أخرى كما أعتقد طائفة من الصحابة رضوان اللّه عليهم أخبار النبي صلّى اللّه عليه وسلم لهم أنهم سيدخلون المسجد الحرام ويطوفون فيه، أن ذلك يكون عام الحديبية، لأن النبي صلّى اللّه عليه وسلم خرج معتمرا ورجا أن يدخل مكة ذلك العام ويطوف ويسعى، فما استيأسوا من ذلك العام إذ صدّهم المشركون، ثم عقد الصلح المشهور بقي في قلب بعضهم شيء حتى قال عمر رضي اللّه عنه ألم تخبرنا يا رسول اللّه أن ندخل البيت ونطوف به؟ قال بلى أنا خبرتك أنك تدخله هذا العام؟ قال لا، قال انك داخله ومطوف به، وكذلك قال له أبو بكر رضي اللّه عنه فبين له أن الوعد منه عليه كان مطلقا غير مقيد بوقت، وكونه صلّى اللّه عليه وسلم سعى في ذلك العام وقصد مكة لا يوجب تخصيصا بوعد اللّه بالدخول في تلك السنة، ولعله إنما سعى بناء على الظن أن يكون الأمر كذلك فلم يكن، ولا محذور في ذلك وليس في شرط النبي أن يكون كل ما قصده واقعا بل من تمام نعمة اللّه عليه أن يأخذ به عما يقصده إلى أمر آخر هو أنفع مما قصده إن كان كما كان في عام الحديبية، ولا يضر أيضا خروج الأمر على خلاف ما يظنه عليه السلام فقد روى مسلم في صحيحه أنه عليه الصلاة والسلام قال في تأبير النخل أي تلقيحه حيث نهاهم عنه أولا، ولمّا لم يأت بالثمر المطلوب سألهم فقالوا لأنا لم نلقحه أي اتّباعا لأمرك فقال إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذون بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن اللّه شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب على اللّه تعالى، ومن ذلك قوله صلّى اللّه عليه وسلم في حديث ذي اليدين حينما سلم على رأس الركعتين في صلاة رباعية حيث قال له أقصرت الصلاة يا رسول اللّه؟ فقال ما قصرت الصلاة ولا نسيت ثم تبين النسيان، ومنه أيضا في قصة الوليد بن عقبة النازل فيها: {إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية 6 من سورة الحجرات كما سنبينها في محلها وقصة ابن البيرق النازل فيها: {إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا} الآية 115 من سورة النساء أيضا كما سنبيّنها في محلها إن شاء اللّه، وفي هذا كفاية في العلم بأنه صلّى اللّه عليه وسلم قد يظن الشيء فيبينه اللّه تعالى على وجه آخر، لأنه بشر ويجوز عليه ما يجوز على البشر، فإذا كان خاتم الرسل وأفضلهم هكذا فما ظنك بغيره من الرسل الكرام؟ ومما يزيد هذا قوة أن جمهور المحدثين والفقهاء أجمعوا على أنه يجوز للأنبياء عليهم السلام الاجتهاد في الأحكام الشرعية ويجوز عليهم الخطأ في ذلك، لكن لا يقرون عليه، فإنه لا شك أن هذا دون الخطأ في ظن ما ليس في الأحكام الشرعية من شيء، وإذا تحقق ذلك فلا يبعد أن يقال أن أولئك الرسل عليهم السلام أخبروا بعذاب قومهم ولم يعين لهم وقت له، فاجتهدوا وعينوا لذلك وقتا حسبما ظهر لهم كما عين أصحاب محمد صلّى اللّه عليه وسلم عام الحديبية لدخول مكة، فلما طالت المدة استيأسوا وظنوا كذب أنفسهم وغلط اجتهادهم، وليس في ذلك ظن بكذب وعده تعالى ولا مستلزما له أصلا، فلا محذور، وأنت عليم أن الأوفق بتعظيم الرسل عليهم السلام والأبعد عن الحوم حول ما يليق بهم القول بنسبة الظن إلى غيرهم كما جاء في حديث عائشة المتقدم وشرحه لابن الزبير، لأن ما جاء به في الردّ والتأويل في غاية الحسن منها رضي اللّه عنها وعن أبيها واللّه أعلم.
قال تعالى: {جاءَهُمْ نَصْرُنا} الذي وعدناهم به فجأة من غير احتساب ولا ترقب: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ} من العذاب الواقع أي نجّى النبيّ ومن آمن معه ومن شملته إرادة اللّه وقرأ بعضهم {فنجّي} بالتشديد ونون العظمة بالباء على الفاعل وقرئ بتشديد الجيم وسكون الياء، وهي خطأ إذ لا يجوز إدغام النون بالجيم، والقراءة الصحيحة هي ما عليه المصاحف بالبناء للمفعول: {وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا} عذابنا بالإهلاك: {عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ 110} إذا نزل بهم البتة وفي هذه الآية وعيد وتهديد لمعاصري حضرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم بأنهم إذا لم يرجعوا عن كفرهم ينزل بهم عذابه، وإذا نزل فلا يرده رادّ.
قال تعالى: {لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ} أي الأنبياء السابقين وأممهم الماضية الطائعة والعاصية الناجية والهالكة: {عِبْرَةٌ} عظيمة وعظة خطيرة: {لِأُولِي الْأَلْبابِ} العقول الصحيحة السليمة، أما غيرهم الذين لم ينتفعوا بهذه العبر فلا تكون عظة لهم لعدم سلامة قلوبهم من الرين والصدأ المتكاثف عليها ولذلك لم يعتبروا والعبرة الحالة التي يتوصل بها الإنسان من معرفة المشاهد إلى غيره فيقيس بينهما ويتأمل ويتفكر، فيأخذ ما هو الأحوط والأصوب بالأمر الواقع ويترك الخطأ، وقد بدأ اللّه تعالى هذه السورة بقوله أحسن القصص وختمها بقوله: {فِي قَصَصِهِمْ} مما يدل على أن في هذه السورة الكريمة عبرا كثيرة لمن يعتبر فيها من الأخبار بالغيب والوقائع ما لم يكن بغيرها فضلا عن أنها معجزة عظيمة لسيدنا محمد صلّى اللّه عليه وسلم قال تعالى: {ما كانَ} هذا القرآن الذي لقبّناه بأحسن القصص يا أيها الناس: {حَدِيثًا يُفْتَرى} يختلق من قبل البشر، وإنما هو من عند إله البشر ونزل على خيرهم: {وَلكِنْ} كان في الأزل ويكون في الحاضر والمستقبل: {تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} من التوراة والإنجيل وغيرهما مما أنزل اللّه تعالى من كتب وصحف: {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شيء} تحتاجه يا سيد الرسل أنت وأمتك الموجودون والآتون إلى يوم القيامة من بيان الحلال والحرام والحدود والأحكام والقصص والأخبار والمواعظ والأمثال في كل ما يتعلق في أمور الدنيا والآخرة وما فيهما فمن عرفه حق معرفته لا يحتاج إلى غيره: {وَهُدىً} للناس من الضلال والتيه والزيغ أيضا: {وَرَحْمَةً} لهم من العذاب وخيرا ينالون به نعم الدارين: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 111} به ويعتقدون أنّ ما فيه حق لأنهم هم المنتفعون به لا غير، ولا يوجد في القرآن سورة مختومة بهذا الفعل إلا سورة المرسلات فقط هذا، واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة يوسف عليه السلام مكية.
{الر} تقدم الكلام عليه في سورة البقرة.
{المبين} حسن.
وقال أبو عمرو تام.
{تعقلون} تام.
{الغافلين} حسن.
وقال أبو عمرو تام.
{ساجدين} حسن.
{لك كيدا} كاف.
{عدو مبين} وإبراهيم واسحق.
{حكيم} تام.
{للسائلين} كاف.
ولا يوقف على قوله: {ضلال مبين} لبشاعة الابتداء بما بعدهما.
{قوما صالحين} تام.
وكذا {غافلين}.
{لناصحون} حسن.
{نرتع وتلعب} مفهوم.
{لحافظون} كاف.
وكذا {غافلون}.
{لخاسرون} حين وكذا {إلا يشعرون} وقال أبو عمرو في الثاني تام.
{يبكون} صالح.
وكذا {فأكله الذئب}.
{صادقين} حسن.
{بدم كذب} صالح.
{بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا} حسن.
{فصبر جميل} تام.
أي فصبر جميل أولى أو فصبري صبر جميل.
{على ما تصفون} حسن.
وقال أبو عمرو تام.
{فأدلى دلوه} مفهوم.
{هذا غلام} حسن.
وقال أبو عمرو كاف.
{بضاعة} كاف.
{بما يعملون} حسن.
{معدودة} مفهوم.
{من الزاهدين} حسن.
وقال أبو عمرو تام.
{أو نتخذه ولدا} كاف.
{من تأويل الأحاديث} حسن.
وكذا {لا يعلمون} وقال أبو عمرو في الأول كاف.
{وعلما} صالح.
{المحسنين} كاف.
وكذا {هيت لك}.
{مثواي} جائز.
{الظالمون} حسن.
{ولقد همت به} كاف.
وكذا {برهان ربه} و{لنصرف عنه السوء والفحشاء} وهو أكفى منهما.
{المخلصين} حسن.
{لدى الباب} كاف.
{أليم} حسن.
وكذا {عن نفسي}.
{من الكاذبين} صالح.
{فكذبت} جائز.
{من الصادقين} كاف.
{من كيدكن} جائز.
{عظيم} تام.
وكذا {أعرض عن هذا} و{من الخاطئين}.
{ضلال مبين} حسن.
{عليهن} كاف.
عند بعضهم {كريم} حسن.
{لمتننى فيه} {فأستعصم} حسن.
وقال أبو عمرو كاف.
وقيل: تام.
{من الصاغرين} تام.
{مما يدعوني إليه} صالح.
{من الجاهلين} كاف، وكذا {كيدهن}.
{العليم} حسن.
{حتى حين} تام.
{فتيان} صالح.